تحليل قولة " لا وجود لدولة بدون أدلوجة دولوية " عبد الله العرويانطلاقا من القولة بين طبيعة السلطة السياسية ؟
تقديم القولة الفسفية
حينما سئل أرسطوما الإنسان؟ أجاببأنه حيوان اجتماعي وسياسي,بمعنى انه يتمتع بنشاط اسمه السياسة,فالحديث عن هذه الاخيرة هو حديث عن احد المفاهيم الاساسية التي اهتم بها الفكر الفلسفي و علم الاجتماع السياسي اذ يتعلق الامر بالدولة,حيث ان ممارسة فعل السياسة يحتاج الى تواجد الدولة التي يحل دورها في تدبير الشأن العام وتسييرشؤون الافراد بضمان حقوقهم ورعاية واجباتهم , ولتحقيق هذه الاخيرة لابد للدولة ان تعتمد على السلطة ,الا ان ما يثير الذهن هو ان الدولة احيانا تمرر هذه السلطة بطريقة لا تقتصر على الاجهزة السياسية بل تتعالى عليها وتتخلل جميع مجالات المجتمع بشكل ايديولوجي,الشيء الذي يجعلنا نتساءل.
عن طبيعة السلطة السياسية للدولة ما الدولة ؟ ما السياسة؟ ما الايديولوجية؟ هل السلطة السياسية للدولة تقتصر على الاجهزة السياسية للدولة؟ ام انها تتخلل جميع مجالا المجتمع؟
تحليل القولة الفلسفية
ان تاريخ الفكر السياسي يكشف ان طبيعة السلطة السياسية التي تمارسها الدولة تقتصر احيانا على الاجهزة السياسية للدولة و احيانا تتخلل جميع مجالات المجتمع و تنتشر بشكل ايديولوجي لكن القولة التي بين ايدينا تحيل الى اطروحة فلسفية مفادها انه من الصعب وجود دولة بدون ممارسات ايديولوجية ,فالدولة اذن تمرر سلطتها بشكل خفي و غير مباشر مما يفيد ان طبيعة السلطة السياسية لا تقتصر على الاجهزة السياسية للدولة انما تتخلل كافة جوانب المجتمع بشكل خفي حيث ان الدولة تمار س سلطتها بشكل ايديولوجي بهدف الحفاظ على سيادتها وكرامتها.وقد اعتمد صاحب القولة على جملة من المفاهيم التي شكلت الهيكل الاستدلالي للاطروحة.اذ نجد الدولةالتي تعني نظام سياسي يشمل مجموعة من الاجهزة السياسية منها التشريعية والتنفيدية والقضائية, بالاضافة الى السياسةالتي تعني فن لتدبير امور الدولة بشكل سلس و تدبير الشأن العام.
اما الايديولوجية فهي تعني مجموعة من الافكار التي يتفق عنها مجموعة من الافراد لتحقيق مصالحهم الخاصة على حساب اتفاقية الاخرين ,وتجدرالاشارة الى ان العلاقة التي تربط بين هذه المفاهيم كعلاقة الرأس بالجسم حيث ان ممارسة السياسة تحتاج الى نظام سياسي الذي تشكله الدولة كذلك ان هذه الاخيرة لا وجود لها بدون ممارسات ايديولوجية تمرر من خلالها سلتطها, ولما كان الامر على هذا النحو لجأ صاحب القولة الى مجموعة من الاساليب الحجاجية التي وظفها دفاعا عن اطروحته حيث يؤكد ان طبيعة السلطة الساسية لا تقتصر على الاجهزة السياسية للدولة بل انها تمارسها الدولة بشكل خفي كما يفسر انه من الصعب ان نجد دولة دون ايديولوجية تمارس من خلالها الدولة سلطتها.
مناقشة القولة الفلسفة
ان ما تحمله القولة في طياتها له قيمة فلسفية وفكرية و سياسية وواقعية فاذا كانت اطروحة القولة تحث على كون الدولة تمارس سلطتها بشكل يتجاوز الاجهزة السياسية للدولة الى درجة ايديولوجية فان لهذه الاطروحة حضورا بارزا في واقعنا المعاش و خصوصا داخل هذا النظام السياسي الذي نعيش فيه ,حيث ان الدولة لا تمارس سلطتها عن طريق الاجهزة السياسية بل بفعل التطور التكنولوجي والاعلامي اعتمدت الدولة على هذه الاليات لتمرير سلطتها بشكل خفي دو طابع ايديولوجي وخير مثال على ذلك التلفاز الشبكة العنكبوت الهواتف الذكية... الا ان الدولة مهما كان الامر لا يمكن لها ان تستغني عن اجهزتها السياسية نظرا للحفاظ على سيادتها وكرامتها السلطوية. فالي اي حد يمكن القول ان سلطة الدولة تقتصر على الاجهزة السياسية للدولة ؟ ام انها غير مباشرة وايديولوجية ؟ وامام هذا الوضع تتباين المواقف دات الطابع السوسيولوجي و الفلسفي بصدد هذا الاشكال الفلسفي العميق ونجد تصورات منسجمة مع اطروحة القولة كموقف عالم الاجتماع الفرنسي بيير بورديو الذي انطلق في حديثه عن طبيعة السلطة السياسية من كتابه التلفاز الية التلاعب بالعقول لكي يتوصل الى ان الدولة تمارس سلطتها عن طريق وسائل الاعلام والوسائل التربوية كالمدرسة مما يفيد ان الدولة تمارس سلطتها بشكل ايديولوجي وخفي.
وفي نفس السياق نجد الفيلسوف الفرنسي ذو التوجه الاركيولوجي ميشال فوكو الذي يؤكد ان سلطة الدولة لا تقتصر على الاجهزة السياسية للدولة بل انها تتخلل جميع مجالات المجتمع وتمارس بطريقة ايديولوجية على مستوى الاحزاب السياسية والاسرة ووسائل الاعلام.وخلافا لهذه التصورات نجد تصور الفيلسوف الالماني كارل ماركسالذي ينظر الى طبيعة السلطة السياسية من منظور ماركسي فالدولة تمارس سلطتها من خلال الاجهزة القمعية باعتبارها من الاجهزة السياسية للدولة يعني ان الدولة في نظر ماركس تمارس سلطتها بشكل مباشر وفي نفس الصدد نجد تصور مونتسكيو الذي اشار الى طبيعة السلطة السياسية في كتابه روح القوانين ان سلطة الدولة مباشرة تقتصر على الاجهزة السياسية التي تمثلها السلطة التشريعية والتنفيدية والقضائية وكذلك الاعتماد على مبدأ الفصل بين هذه السلط.
مرحلة التركيب في منهجية القولة
نستنتج من خلال التحليل و المناقشة ان موضوع طبيعة السلطة السياسية للدولة قد افرز عدة مقاربات فلسفية متباينة اذ نجد منها ما يحث على سلطة الدولة قائمة على الاجهزة السياسية ومنها ما يروم الى اتجاه القول ان سلطة الدولة تتم بطريقة ايديولوجية تتخلل جميع مجالات المجتمع,واعتقد ان الصواب هو التصور السوسيولوجي لان الدولة اصبحت تمرر سلطتها بشكل خفي كما اعترف ان لهذا الموضوع اهمية كبرى في الوقت الراهن خاصة ان الدولة تلجأ احيانا الى ممارسة السلطة بطريقة يطبعها العنف والقوة الشيء الذي يمكننا من طرح تساؤل كيف تمارس الدولة سلطتها؟ هل عن طريق النف والقوة؟ ام عن طريق الحق والقانون؟